الاثنين، 18 نوفمبر 2013

تعازينا إلى أهل الحمار

تعازينا إليكم
هذه المأساة عظمى
هذه المأساة داهية نآد
هي المصيبة وهي من جلل الخطوب
ولا كلام نقوله يكفي
فقد مات الحمارُ
***
وإن شئتم تحري الصدق،
ما كان الضحيّة غير جحش
قد تنازعتم وكاد الريح يذهب عنكمُ فرأيتموه
ناهقا أبدا بلا صمت
ولا تدرون كيف أتى
فصحتم قائلين: الآن قد ضحك النهارُ
***
ركبتم فوقه أنتم جميعا
تحملون الجهل والخيلاء والبغضاء والجشع المقطّر
تحت أطنان الشحوم وأبحر الشهوات
كيف لا تهوي البهيمة تحت ذلك كلّه؟
سلّمتمُ رسنا لأربعة، وإنّ قلوبهم شتّى
فكلّ قاده حيث البوارُ
***
تباكوا فوق جثّته
و قولوا بعض شيء عن غضاضة عمره
مع رشّة تحكي تأسّفكم
وقطرة ثورة مزعومة
لا تنسوا التهم العظيمة للرماية في وجوه الآخرين
فذاك ما شئتم، وقد رفع الستارُ
***
يقول البعض: لم يمت الحمار، ولا يموت
كذاك تخريف العجائز
لا يرون الحقّ والجثمان ملقى نصب أعينهم
فأخبرهم رسالة شاعر فحل قديم:
أمّ عمرو فوق ظهر حمارنا ذهبت

فلا رجعت ولا رجع الحمارُ

انــعــــتــــــاق

لا تلـــمني إن عــشـت بـعــدك دهــــــــرا
ورأيـــــــــت الأحــــلام تـبــزغ فــــجــــــرا
إنّني أحيا، والحـــيـــــــاة اخـــتــيـــــــــــار
كان من أمــــري، تحت ظــلّـك، عســـــرا
كان قــيـــدي منّــــي ســــوارا خــفيّـــــــا
وكــــذاك الأوهـــــام تـــــبـــدع قـــبــــــرا
ليــــس لــي سيّـــد ســــواي فـــدعــــنــي

أتــعــثّـــرْ وأغـــزل الشمــــس شــعــــــرا


يــقــيــن

إنّ الحــقيقة مهمـــا عـشــت واحــــــــدة
تفنى الحيـــاة ويـبـقــى وجــــه مولاهـــا
ما العمر كلّه إلا حـــلــم مــغـــتـــــــرب
ضغث، إلى ســـاعة أيّـــان مرســـاهــــا
تُلقى العصا وتقرّ العيــن لحظتــــــــهـــا
بعد المتــــاهــة تـرقى الروح مـــــأواها
طوبــــى لمن سمـــع الرحمـان يطلبــــه
جارا  فحـــــثّ إليه الخطــــــو أوّاهـــــــــا
لا شيء من درن الأرضين يصحبــــــه

عـــارٍ ولـــكنّـــــه يـــخــتـــال تيّــــــاهــا

الثلاثاء، 15 يناير 2013

طفلة ولدتني



يَا طِـفْـلَـتِــــي…يـَا عِـقْدَ فُـلٍّ عَانـقَ الـــ
رُوحَ الشَـريـدةَ فَـهـيَ مِـنــهُ تَـضُــــوعُ
يَا نَـقــرَةَ الإيــقَــاعِ تَــلْـمِسُ صَـدْرَ أغـ
نِـيَــةٍ فَـتَــرْقُــصُ للجُـنُـونِ ضُـلُــــــوعُ
يَا صَـوْتَ قَـافِـلَــةِ السَّمَـــاءِ إذَا الـتَقَــتْ
دَرْبِي فَـلَـيْــسَ إلَــى الضَـجِيجِ رُجُــوعُ
يَا أَيُّـهَـا الحُـلُـمُ الخَـفِـيُّ عَــنِ الكَــــرَى
ثَارَتْ لأجْــلِــهِ فِـي الصُـخُـورِ دُمُـــوعُ


الرابط على تونس الفتاة: 

السبت، 5 يناير 2013

كسر على صفحات الزجاج

لا يزهر الرماد
في ترقّب الوعد المسافر
على جناح آخر شعاع يسبق الغروبْ
أَجْمَعُ من مذهّباتهم مطالعَ
وشاية بِحَيرة قديمة
عن الزمان إذ يخضّر
عن “ثهمدَ”…
عن “حوملَ”…
عن “ملحوبْ”…
وجرعة النسيان تسكب
فتذرف بقاياها
عمودا من مصلى
وغبارا من طريق
و شتاتا خابيا يُحفظ من صليبْ
آوي إلى محطّة مهجورة
منذ شتاءين وربّما ثلاثة خلت
قطارها خطفه الشمال
أنجب فتاة (أم تراها أنجبته؟)
تتحلّى بالجنون خاشعا
وبأناشيد تلاد
نفضتها، عندما استكانت، القلوبْ
أجلس ناظرا تجاه ساعة دون عقارب
وأسأل: متى الرحلة؟
لا مجيبْ
همهمة الفراغ تعلو
ويهيم طلعها تجاه ماء ليس يأسن
فيسرق التماعة شفّافة من سطحه
يسرطن التغضّنات في صفائه
يحرّم نشيد أمّه للائتزار بالأثير
تخرق الأعماق غابة الزجاج
حتّى تهرق الصمت على المغيبْ
أوراقها البيضاء
من هواة جمع الذكريات
تطلق الصور من عقالها
بعد ختام غير معلن
لعيد أوجه ثانية
في الساحة الكبرى لـ”سيلينا”، تجلّي “إرم” الجديد،
في يوم بلا عيوبْ
يمرّ كنّاس
قسماته، اسوداد الثقب ساعة رحيل موهن،
تلتهم الشارد من سرب السماء
خدشة على ذرى الغيوبْ
يرمقني شًعرٌ غضوب
في اعتصام دائم أمام حبّ كهرمان زائف
ومفردات اُنهكت بحّتها
منذ غزا مفرقها المشيبْ
تاج مخبّأ على رفوف أسفار تناءى حبرها
يهوي مدويّا
سياطا فوق رأس سائل
تفرط عقد عزّه المنهوبْ
تلطّخ الألوان وجها
لا يضمه إليه شجر أو حجر
يعبر صوت الضحكات
في اتّجاه غصنه الرطيبْ
في غرفة مفتوحة على السراب
مغلق ستارها على الشمس
تخفى رعشة بين ضلوع بسمة حيرى
رداء فوق عري مثقل الندوبْ
طفل مكلّل بغار الثلج
محمول على موج معصفر
شهيقه صباغ ناقع
زفيره نبوءة ضائعة
يمسك لوحه الأخير
نحو شاطئ يغيب عن أفقه
وسائل الرياح لا يخيبْ
تسع زجاجات خوى سكونها
وصفحات فوق يوم نازف خُماره
تحالف اللهيب في حصاره العابث
حول سنديانة ندية فروعها
تحجّب عيونا بلغت شفقها
عن نظرات الفلق المريبْ
تخنقني ثرثرة الزجاج
كيف أسمع القطار لو أتى؟
وكيف يهتدي بترتيل الغريبة دمي؟
وأنا لا أعرف أيّ صورة أغرسها في كلماتي
في ارتجالي لخطى شاردة
في ضحكتي الثقيلة الجدباء
في رجع صدى القليبْ
صافرة منهكة المدى تئنّ
والدعاء يقتفي الدخان
“لا تذر عليّ من مراقصات الضوء ديّارا”
يتصدّع البياض
في ترنّح السفينة الثكلى
يزمّل انكساره
بدرع الفارس السليبْ
وغابة البلّور تهوي
وتنزف مع احتضارها حبرا
غزيرا مثل حقد فائر
إن حال ما بيني وبيني الموج
هل من جبل يعصمني؟
وهل يغيض الحبر أو تُقلِع عين الأرض؟
هل أنّ القطار لم يُلْقِ، إلى الآن، مراسي بُعده المحجوبْ؟
بين أصابع تذوب في الظلال
يختبي انعكاس مرآة شريدة
بلا رسوم ترتوي بوهمها
أراها تستوي كالجوديّ
لم ينج سواها من كبائر قبيلها
أصمّ الأذن عن ترتيلة الفتاة
عن معزوفة القادم من شماله
عن آخر الصيحات في استعجاله
والصفحة العذراء ترتدي لها وجها
أليفا رغم أنّي ما رأيته
سوى شرخا على بوّابة زرقاء
يتلو آية ما كتبت بعد
عن الشموس إذ تشرق بعد ساعة الغروبْ

الرابط على تونس الفتاة:
http://tounesaf.org/?p=1595

الاثنين، 12 نوفمبر 2012

هذيان الجسد قبل الأخير



في عــمري المــاضـي انـكفـأت طـويـــــلا
فــي النــوم حـيــنا، فــي الحياة قـلـيــــلا
فرأيتُـنـي أرعـى الغــــمام مــسـهّــــــــدا
وأحــرّك الـــــرمــل الـــــكــسول خــيـــولا
وأعـــاقـــر الزمـــن المــعــتّــــق إن بـــــدا
قـمـــر و تــأكــلــنـــي الظــلال فــصـــــولا
وأصــيــح فـــي أعـــلى الجــبـال مكابـــرا
وأســنّ للصــمـــت الغــزيـــر ســيــــــــولا
وأغـــازل الأحـــــلام بــــيـــن خـــدورهــــا
ويصـيـر طـرفــي، إن ســفــرن، كـليـــــــلا
وأحـــطّـــم الأوثـــان فـــي أوكــــــارهـــــا
وأردّ عـــن صــنـــمي القــديــم بــديــــــلا
وأعـــانـــق النـجـمــات فـي عـلـيــائــــــها
واُضــيــع فـي عـتــم الطــريــق دلــيــــــلا
وأتــيـــه فــوق الــعــالمـيــن لأنّـــــنـــــي
مـــا كـنــت مــــمّــن بـدّلــــوا تــــبــديـــلا
وأفــرّ مـن نـــفـــسي إلــــــى أرض مـــرا
يـــــاها حـطــام لــيـس يــنـبــس قـيـــــلا
فـتـملّ مــنّـــي غــربـــتــــي أو ربّـــمــــــا
أيــقــنــــت أنّـــي لا أطــيـــق رحـــيــــــلا
فاخــتــرت بـيـــن الأرز فـيــئـــا عــابــــــدا
مـسـتنطــقا في صــمـتــــه التـــــأويـــــلا
(أ غُـرســتُ فـي وطـــن غـريـب ليس فيــ
ـــه للـمـنـــــابـــت أن تــكون نــخــيـــلا؟)
وحـــفـــظـت عـرضي أن يدنّس طـرفـــــه
لـؤم فــلـــم يــعــــد الــرداء جـــمـــيــــــلا
وســكــنــت ضـفّــة جـنّـــة شـعثـــاء لــم
تــعـرف صـنوف قـطوفــهـــا تــذلــيـــــــــلا
لم أمــش أبــعـــد مــن مـسـيـرة نـظــــرة
فـيـها فـلــــم أر كـــــوثـــرا مــــعــــســولا
وحــلــمـــت بالـعـنـقـــاء تـفـتــق نــارهـــا
فـشــربـــت مـن كـأس الرمــاد شـمــــولا
إنًّ اشـتـِــعـَـــالَ الــرّوحِ شــيــبًا بــــــــرزَخٌ
دُونَ السُّـيــولِ فــلا تُـــجِـــدُّ طُـــلـــــــــولا
ووقــفـــت أنــظـــر أن يــوافــيــنـــي صـدا
ي فـنــرمـــق المـــاريـــن فـــيّ فـضــــولا
*******
أفــق خــجــول يــخــتفي فــي طيّ صمــ
ـت مـنــثـن فـــي الـمـنتهــى مـخـــــذولا
صــمــت تـهـاوى في الدجـى واغـتـــالـــه
هـمـس اللّمـى إذ أوشــكــت تـقـبـيــــــلا
والأفق يـصـرخ فــي دمــائــي هـــــــــادرا
ألــوانــــــــه لا تـــقبــــل الـــتــــأويــــــــلا
تنهــال مـــن كــلــمـــات سـحر دافـــــــق
شُهـُـــبٌ عِـــذابٌ اُحـــكــمت تــنــزيــــــلا
فـيـمـــزّق الجـــســـد الغــريــــــــب رداءه
عــن مــــارد ظــمــــآن قــــام عــجــــــولا
وأخــيـــط مــن صـبــحي الجـديـد أنـامـــلا
حــمّـــى تــشــابــكــها تــضــيء فـتيــــلا
تجــلــــو بـــدايـــة صـــورة حـــفــرت على
جـــدران صــخــــر قــــارب التـــــأزيــــــــلا



الرابط على تونس الفتاة:

http://tounesaf.org/?p=1537

الجمعة، 2 نوفمبر 2012

نجوم ليل آخر


سـهــر الليــل لــنــجــــواك بـــريـــــق
لـنــجـــوم لــيــس تـجـلـوها العيــــون
في وثــيــر التـعـب المطـروز بالـعــتــ
ـــمــة تزهــو ثــمّ تـُجتاح الجـفـــــــون