السبت، 25 يونيو 2011

السامريّ

لأنّي بصرت بما لم يروا

بالمحجّب عن عيون البشرْ

لأنّي وهبت لهم من هدايا السماء النجوما

نثرت على حلمهم قبضة من أثرْ

و لكنّهم، من تدوم طفولتهم بامتداد العمرْ،

أرادوا فقط زينة في الأيادي

فعادت رجوما

وصار صنيعي غريق النهرْ

رمادا مقيما

***

أنا السامريّ

سليل من اختير في العالمينْ

أمرّغ نفسي بباب السماء

أحلّق، ما شئت، بين الثرى

أ يحمد، عند الصباح، السّرى

وقد كنت من قبله لا أرى

سوى مثل كلّ الورى

كفيفا ولكنّه ما درى

وللرصد دون العباد انبرى

فكان الّذي قد جرى

أ أذنبت أن نبتت لي عيونْ؟

أ أخطأت أن جئت بالشمس من في السجونْ؟

وأهديتها صبية يلعبونْ

فكانت لهم كرة

مزّقوها وفاض الضياء

وكان الجنون

وقد قيل لي الآن أن لا مساس

أ ذلك لعن

وأنّي كتبت من المبعدينْ

أم اخترتُ للنور كنزا دفينا

منيعا عن الناشدينْ؟

تنوء بحمل الغزالة طيّات صدري

وتشرق منّي

وتغرب فيّ

وما شاهد غير سرّي

وإن يستضيئوا تحرّقهم نار جمري

أنا السامريّ

وما عاد في المبصرين على الدهر غيري

أريتهمو، لم يروا

فأمرتُ: ألا كن غيابا وهم حاضرونْ

سأسكن روحي

وأجعلها كهف فجر

ولست من النادمينْ

الجمعة، 10 ديسمبر 2010

لعنة شاعر

لم تكــوني غادة بين النســــــاء

لم تكوني أبدا بنت السمـــــــــاء


لم تكوني نجمة أو كوكبـــا يــر

سل للأرض شعاعا من ضيــاء


لم تكوني مزنة تسقي عطاشـــا

بل سحابا ذا سواد دون مــــــاء



لم تكوني الدرّ في أعماق بــحر

بل فقط قوقـعـة ذات خــــــــواء


لم تكوني امرأة ذات وجــــــود

بل خيالا واهما...محض هــراء


كنتِ انسانا له محيـــــا و موت

ما له ذكر سوى كلّ هبـــــــــاء


أنا من سوّاك تمثالا ، كبجملـــــ

يون، فيه كــل أسرار البهــــــاء


و نفخت الروح فيه فـــــتجـــلّى

كائنا موطنه دار البقــــــــــــــاء


فجعلت الطين مخلوقا كريـــمـا

حسبه أنّه من نسل السمـــــــــاء


نوره يخطف أبصار أنــــــــاس

مثلهم قد كنت من أهل الفنـــــاء


كنت أعليتك في معبد شعـــري

دون كل امرأة كنت اصطــفائي


و جعلت اسمك شيئا قُدُسيّـــــــا

نغما في فم ربّات الغنــــــــــــاء


كنت أعطيتك تاج الكون...أجلســ

تك عرشا ما له من نظـــــــراء


كنت قد قدّرت عمرا لك لم تطــ

مع به يوما أكفّ في دعــــــــاء


أ رجوتُ الحمد؟ كلا، غير أني

لست أرضى أبدا بالخيــــــــلاء


كلّ شيء كان حلا و مباحــــــا

لك إلا أن تمسّي من إبــــــــائي


ليس، حتّى لك أنت، الصفح حقّا

و أنا المطعون غدرا كبريــــــائي


جزت ذاك الحدّ، حدّ الخطــــايا

لا تلوميني على فرض الجــزاء


ليس منجيك من النفي منــــــــجّ

إنّه قد كان محتوما قضــــــائي


اخرجي من جنّتي، عودي إلى منـ

زلك الأوّل في درك الشقــــــاء


اخرجي منها و لن ينـفع بعد الـ

آن من عينيك فيض من بكــــاء


اخرجي مذمومة مدحورة مـــلـ

ـعونة ما لك عنها من عـــــزاء


طالما عشت اذكري أنّك قــد أو

جبت إحدى لعنات الشعــــــراء

الجمعة، 2 أبريل 2010

تنويع على يتيمة فيروزيّة

اقترب الموعد
و انشقّ القمرْ
يرقص نصفاه لذلك اللقاء المنتظر
أطفأت الشمس لهيبها
لكي تتيح مبدأ السمر
و خرج الأموات رافعين أنخابا لكلّ محتضر
رصّعت السماء من ضياء كلّ نجم انكدر
في ليلة خلت من السحابْ
***

الشوق قد أصبح بدرا
أكمل الأربع من بعد العشرْ
أمضى من السنين تسعا
قلقا و ينتظر
الآن، مثل الأمل المشرق
يلبس البياض و الزهر
ينظر في مرآته المكسورة الصمّاء
للميلاد، للصبا، و للشباب بعدما نضر
الآن لم يعد هناك من خطر
قد ذهب السراب

***

ككرمة تمسّها شمس سقر
عنبها مع الزمان يختمر
يصبح لذّة
لكلّ باحث عن السفر
إلى مكان ليس فيه صخب و لا ضجر
كذاك ينضج العمر
الآن جاء
ليس بعد الآن من إياب
***

على الشبابيك يؤلّف غناءه المطر
أغنية تزفّ إلى السمع الخبر
إيقاعها الراقص يغسل عن النفس الكدر
ما عاد من شكّ،
فهذي آخر النذر
فليخلع اليوم رداء من حذر
آن الوداع أيّها الأغراب
***

أراه مقبلا
تحييه بشدوها الطيور في الشجر
مبتسما كملك إذا ظفر
إليّ قد جاء لقطف ثمرة،
أغلى الثمر
بديعة هيئته
فما يخيف منه أبناء البشر؟
قد انتظرته بمثل أمل الداعين في وقت السحر
و ها هو الآن يدقّ الباب


الاثنين، 12 أكتوبر 2009

"وشلا بعينك لا يزال معينا"

أنكرت صبحا فارقـتـني عـنده
أطيار روض كنّ لي راوينــا

نور الفؤاد و سـمعه و عـيونه
و كيانه من يــوم كان جنينــــا

و كــفعل داود النبــــيّ أذبــنـــه
فتبدّلت مــنــه الصلابـة لـينـــا

حتّى إذا بــانــت نواجــذه نأيــ
ن و لم يُُـــتمّ لـــنفسه التكوينـا

ودّعــنني فـسألتهنّ بـــحقّ قلــ
ب نازف: أرفقن بي، غنّينــــا:

"إنّ الّذين غـدوا بلبّك غادروا
وشــلا بعينك لا يزال معــينا"

الأحد، 8 فبراير 2009

...من البشر


ناشــدتـــكم كـــفـّوا عن الهذر
عــمّــا مـــؤدّاه إلـــى الكـــدر


بل أنّـكــم أمـعــنـــتــــمُ كـذبا
أ أصدّق الواهي من الــخـبر؟

أ زعـمــتـموها كــالأناس لها
ردح تــقضّــيــه مـن الـعـمر؟

و كـأنّـها مـخــلوقة خـضـعت
لـمسـطّر فـي اللوح من قـــدر

أ تموت من يــهوي لــرؤيـتها
فرحا و يسجد باســق الشجر؟

أ تموت من تــروي ببسمتــها
قـاسي النفـوس كديمة المطر؟

أ تموت من يــغدو لــلمستــها
يجري عيونا جــامد الحــجر؟

أ تموت من تبلغك ضحكتها
من غير خمر غاية السّـكـــر؟

أ تموت من يدعو مشاهــدهـا:
"كونـي لـعينـي آخر البصر"؟

أ تموت، كيـف و ما بــدا أثـر
قد جــاء في الآيات و النــذر؟

فالشمس تطـلع من مشارقـهــا
و البـدر بــاق غـيـر مـنشطر

بل تـكـذبون، فلا تــموت و لم
تـصر الـمحبّة شـرعة الـبـشر

فوق الردى ستظلّ عائشـــــة
حتّى يصير الحبّ ذا ثـــمــــر

و يحين ملقى العاشقيـن مـــعا
متعانـقـيــن لـدى سـنا القــمـر

و تطول لـقيــاهم فلا نــصـب
أو بــارق لــهــواجــس الفكـر

يتعبّدون جمال عــالمـــهــــــم
في مسجد قد قُدّ من زهـــــــر

تخلو الدّنى من كلّ أســــلــحة
إذ ليس يخشى ثمَّ من خطــــر

و يكون كلّ الكون نُــقّـــي من
مَن كان ذا حسد و ذا أشــــــر

أ تموت حــقّا تلك من وعـدت
بالعيش حتّى منتهى العصـــر

و بمسكن في النّجم نــعــمــره
ما طالت الأزمان بالسمــــــر

بشباب قــلـــب خالــــد أبــــدا
تنساه دوما سنّة الكـــــبـــــــر

بطفولة..والدّهر ملــــعـــبـــــها
و معا نقضّيه بلا ضـــجـــــر

أَوَ لم تقولي أنّ حبّـــــك لــــي
قد كان عندك آخر السفـــــر؟

أوَ لم تؤمّن لي محبّــــتـــنـــــا
حرزا يقي الدّاعي إلى الحذر؟

أوَ لم نخطّ ســـــويّــــة قـــدرا
لاهين أبدلنـــــــاه بالقـــــــدر؟

أوَ ترحلين إلى سمائك، مـــــا
تبقين عن ذكراك من أثـــــر؟

أ كذبتني، أم أين عـــالـــمــنا
في عمره الباقي على الدّهر؟

ذهبت أســاطير الهـــوى زبدا
فحبيبتي كانت من البـــشـــــر

8/2/2009

الجمعة، 4 أبريل 2008

يومان بعد موتي

جـســد مـسجّــى هـــامـــــد *** كالربـع جــلــّله الخــرابْ
في غــرفـــة ظـــلـمــاء دا ***مــســـة ضـجـيعــا للتراب
الــروح تضجر من مـــصا *** حــبــــــــة لأرواح غضاب
فــتــيــمّـــم الدّار الّــتـــــي *** كـــانــت يـبـابـا للـيـبــــاب
يــأتـــي ســـمـاسـرة الرّدى *** و يــرتـــّلون بـلا اضطراب
لا يـــعـــبـــأون أ مـــــات قـ *** ديــــس نــبيّ أم ذبـــــــــاب
و الأهــــل كــانوا قد نـــسوا *** أن قد أتوا ذكـــرى مــصاب
يــتـــضـاحكون مــقـهـقـهـيـ *** ن و يـبـدأون الإغــتـــيـــاب
من كــلّ أكـــــل يتخمـــــــو *** ن يـسـيـل من فــمـهم لـعاب
والروح تــرمق في هــــــدو *** ء مــنـــهـــم العجب العجاب
ظـنـّتـــه عرسا غير أنّــــــــ *** ـه ليس في الأيـدي خضـاب
لـيـكن مـآلـــي ما يكـــــــــو *** ن فما العذاب سوى الإيــاب
ما كان عـيــشــي بـيــنــــكم *** هـذي السـنين سوى ســراب
إذ لــيـــس لــي فــيــــكم أخ *** أو من يــعـــدّ مـن الصحاب
فـــيقول و الــعــبـرات تحـــ *** جــب عــينه مثل السحـــاب
"زيــن الشـــباب أبو معـــــا *** ذ لم يــمـــتّـــع بالشبـــــاب"

4/4/2008

الجمعة، 1 فبراير 2008

شيطاني يعود إليّ


صديق قديم زارني اليوم قائلا
"ألا اسقني كأسا نجدّد بها العهدا

رأيتك تجفوني فسافرت راحلا
ظننتك قد أضمرت عن سمري زهدا

تشرّدت في الدنيا أسير بلا هدى
و أسهر في إحصاء أيّامنا عدّا

و في كلّ قفر ألتقي من عشيرتي
أخا منكرا يشتدّ في جفوتي لدّا

يقولون: ما كان الوفاء سجيّة
لنا، ليس انسيّ لذي لهب ندّا

تانّست يا هذا و انسيت خلقنا
فليس حريّا أن تبادله الودّا

أ لست ترى أن قد جفاك فما دهى
فؤادك يا ابن النار كي لا ترى حقدا

فأصمت حتّى ييأسوا أن أجيبهم
يقولون محتارين:" صرت له عبدا؟"

ختمت شياطين القريض و لم أجد
سواك بوحيي طامحا أن يرى المجدا

ظللت على صبري إلى اليوم ناظرا
دعاك فتلقى ما ستحمد لي رفدا

فيا ليت شعري ما أعادك لي، أ لم
تبدّل بعين الشعر مستنقعا وردا"

أ لم تر شيطاني العزيز صبابتي
إليها قد استشرت و ما بلغت حدّا

لأشفى رأيت الحلّ اغفال ذكرها
و أقسمت أن أبلو لذلك جهدا

أبا مسحل ما كنت تفتر ساعة
و لا بعضها عن ذكرها قائلا حمدا

تذكّرني وحيا قديما بثثته
و نسيانه أبغي فترهقني ضدّا

فآليت هجرانا لأنقذ مهجتي
أسدّ أمام الخور باب الأذى سدّا

تركت جميع الذكريات مهاجرا
و ذاك أراه كان حزما ولا جحدا

فعفوا فانّي ما قصدت تجنّفا
و لكنّ ترياق الهوى يقتضي الجدّا

تصاممت عن نجواك لي متعمّدا
فقصد شفاء القلب أبدلته صلدا

تركت ملذات الحياة جميعها
و أبت إلى قدّيستي أطلب المدّا

و لاقيت في خرط القتاد شدائدا
و أعطيته روحي فكان لها عقدا

و ها أنذا أبللت من علّتي و لم
أجد من مكان الشعر في الروح لي بدّا

و ما لذّة الدنيا سوى خلق عالم
تشمّ به مسكا و تسقى به شهدا

فأترك جسمي باقيا جثّة ترى
إلى الملأ الأعلى أحلّق فردا

أكون الها لا حدود لسطوتي
إذا قلت"كن" من يستطيع لها ردّا

و أرجع نشوان الفؤاد مفكّرا
بترحالي التالي إلى حيث لا أردى

ألا أوح"ابنة الفكر المهذّب في الدجى"
لعلّ طريق الشعر تمنحني الخلدا
29/06/2007