الجمعة، 1 فبراير 2008

شيطاني يعود إليّ


صديق قديم زارني اليوم قائلا
"ألا اسقني كأسا نجدّد بها العهدا

رأيتك تجفوني فسافرت راحلا
ظننتك قد أضمرت عن سمري زهدا

تشرّدت في الدنيا أسير بلا هدى
و أسهر في إحصاء أيّامنا عدّا

و في كلّ قفر ألتقي من عشيرتي
أخا منكرا يشتدّ في جفوتي لدّا

يقولون: ما كان الوفاء سجيّة
لنا، ليس انسيّ لذي لهب ندّا

تانّست يا هذا و انسيت خلقنا
فليس حريّا أن تبادله الودّا

أ لست ترى أن قد جفاك فما دهى
فؤادك يا ابن النار كي لا ترى حقدا

فأصمت حتّى ييأسوا أن أجيبهم
يقولون محتارين:" صرت له عبدا؟"

ختمت شياطين القريض و لم أجد
سواك بوحيي طامحا أن يرى المجدا

ظللت على صبري إلى اليوم ناظرا
دعاك فتلقى ما ستحمد لي رفدا

فيا ليت شعري ما أعادك لي، أ لم
تبدّل بعين الشعر مستنقعا وردا"

أ لم تر شيطاني العزيز صبابتي
إليها قد استشرت و ما بلغت حدّا

لأشفى رأيت الحلّ اغفال ذكرها
و أقسمت أن أبلو لذلك جهدا

أبا مسحل ما كنت تفتر ساعة
و لا بعضها عن ذكرها قائلا حمدا

تذكّرني وحيا قديما بثثته
و نسيانه أبغي فترهقني ضدّا

فآليت هجرانا لأنقذ مهجتي
أسدّ أمام الخور باب الأذى سدّا

تركت جميع الذكريات مهاجرا
و ذاك أراه كان حزما ولا جحدا

فعفوا فانّي ما قصدت تجنّفا
و لكنّ ترياق الهوى يقتضي الجدّا

تصاممت عن نجواك لي متعمّدا
فقصد شفاء القلب أبدلته صلدا

تركت ملذات الحياة جميعها
و أبت إلى قدّيستي أطلب المدّا

و لاقيت في خرط القتاد شدائدا
و أعطيته روحي فكان لها عقدا

و ها أنذا أبللت من علّتي و لم
أجد من مكان الشعر في الروح لي بدّا

و ما لذّة الدنيا سوى خلق عالم
تشمّ به مسكا و تسقى به شهدا

فأترك جسمي باقيا جثّة ترى
إلى الملأ الأعلى أحلّق فردا

أكون الها لا حدود لسطوتي
إذا قلت"كن" من يستطيع لها ردّا

و أرجع نشوان الفؤاد مفكّرا
بترحالي التالي إلى حيث لا أردى

ألا أوح"ابنة الفكر المهذّب في الدجى"
لعلّ طريق الشعر تمنحني الخلدا
29/06/2007