-1-
لك الله يا ابن عبادتفجّرها فتصير عيونا
وتفتح باب السماء انهمارا
ولكنّها ستظلّ قليلا…قليلا
فلا يستوي الحزن فوق الجبال
هو الجرح لا غسل منه
هو القلب لا دم فيه
هو العين تنظر لكنّها لا ترى
هو السمع في غزوة الصمت
جرّد عن كلّ صوت
هو المشي تام العراء أمام الورى
هو العيش دون حياة
فعددّ مرور الليالي الطوال
ألا فابك يا حار
لا جفّت المقلتان
بجير شهيد البراءة
لم يجن في طرفة العين شيّا
سلام عليه مرور الزمان
وبعد الزمان
وساعة يبعث حيّا
ألا فابك يا حار
لكن لتصبر مليّا
قد اشتعل الرأس شيبا
وما كنت فينا شقيّا
أمرت، فكنّا لك الطائعين
ولم نأت في الحرب شيئا فريّا
فأنت الحكيم وبكر تراوح جرف الفناء
فهدّئ رياحا تسللت اليوم عطشى
بها لذعة من مذاق الدماء
عزاؤك في سلمنا
في الحفاظ على عزّنا
أنت من قد عرفنا
أبيّ على نزق اللحظات
منيع على سورات الضلال
-2-
لك الويل يا ابن عباد
متى كنت بالنار تنطق؟
أيّ الشياطين أوحى إليك؟
وأيّ المصائب تنوي لبكر؟
كلام هو السمّ يسقى
هو السحر قد دسّ في الشعر
لم يسمع القوم منك شبيها له في الخوالي
تعقّل وكن ما عهدناك دوما
فأنت البصير بأيّامنا
ما قتلنا الملوك ولسنا من الواترين
وما كان ثأر بني عمّنا حربنا
لظاها لشيبان كان رماد سموّ
ثمالة عزّ
وآخر أنفاس مجد
لتذكر بني مرّة السادة البيض،
أولي الندى، مانعي الجار
كانوا حماة الذمار ،
وكانوا همُ فخرنا
وقد أصبحوا غصّة في صدور العوالي
دماء بجير؟
نعم، قد تجنّوا عليه
نعم، ما رعوا حرمة المرسلين
نعم، إنهم قتلوه بشسع النعال
وقتل الكريم بذلك غال
ولكنّه ليس يرضى هلاك بني أمّه وأبيه
فَدى دمه، لهف نفسي عليه، جميع الخطايا
وما عاد جرم ابن مرّة من بعده بمجرّعنا قطرات المنايا
أناشدك الله، لا تورد القوم سبْل الندامه
فمن أنت كي تتحدّى عديّا؟
عديّ مجندل أبطالنا وهو ساقي الحتوف
عديّ ميتّم أطفالنا وهو شاق الصفوف
عديّ مبدّد أفراحنا وهو كسر بحدّ السيوف
ألا استبقِ فينا فتات الكرامه
وصالح
وداهن
وسالم
وهادن
ووادع
وناور
وخادع
وداور
ودعها تقرّ، كباقي الخيول، النعامه
وأمّا الشهيد، سنوفي له حقّه
ديّة لا تليق بغير الملوك
فخذها إليك وسكّن بوادر أهلك
ما منتهى العيش إلا السلامه
لنهنأ قليلا بومضة نار تبقّت من العمر
ما شأننا في الحرب غير اعتزال
-3-
لك الموت يا ابن عبادتقود المجانين، ليست لهم من قلوب لكي يعقلوا،
يطربون لذكر الوغى وقراع القنا
ذاك وهم الصبا
جهلوا أنّهم في أوائل صرعى القتال
وما كان ذلك يكفيك من خطل
فحملت لملقى الخميس ذوات الحجال
قل لي، لُحيت وآباءك:
ما لك ترجو لقومك خزيا؟
أ ترغب في هتك أعراضنا؟
ما تراهنّ في الغد يبكين ذلّ الإسار وفقد الغوالي؟
وما بدعة لا أراها سوى ضحكة
بين أرض السواد إلى حضر موت؟
هي الشين، شين الرجال، بحلق اللممْ !
ألا ما أرقّ حجاهم وأضعف إدراكهم
صدّقوا لغو شيخ شهيد على الأوّلين
مقيم بأظهرنا منذ عهد إرمْ
فقير إلى الرأي،
طاشت بصيرته من أسى الثكل
ظمآن للثأر،
أعمى السجيّة عمّا به يصلح الشأن
إنّي أراه قتيل الغداة إذا الليث همْ
أناشدكم، فاسمعوني
بقضّة سدل ستار
بقضّة دار بوار
بقضّة قصّة عار
بقضّة تصبح بكر مع الريح سفّ غبار
فلا تذهبوا...
حكّموا العقل...
لا تنكروا واقع الأمر...
كونوا من الصمّ عن سفسطات دعيّ الزعامه
أناشدكم، فاسمعوني
أريدت بكم فتنة
فاقطعوا، دون أن تمعنوا الفكر، دابرها
أخرسوا حارث الشؤم، داعي الثبور
خذوه بلا رحمة فاعتلوه
ومن كلّ لون عذاب أذيقوه
ولتصلبوه جزاء وفاقا
لمن جاء يدعو عشيرته للوبال
أناشدكم، فاسمعوا
ليكن دأبكم مثل هذا إذا قام فيكم مناد
ليصرخ والكلّ يدفن في الرمل رأسا:
"لقد أزف الآن وقت النعامه"