السبت، 12 يناير 2008

القديسة (2)

يا خـلـيـلـــيّ صــــبـاحــا فاسـقـيـــاني
كـــأس شــدو مـن شــجــّيات الـلحـان

و لــتكـن مـتـرعـة حتـى يغــوص الـ
مـــرء فـي أرجــــائــها طـلق الـجنان


ثــم كـــرّا بــغــبــوق وانــظـــرا مــا
سـكـن اللـــيــل فـإيـقــاظ الأغـــانـي

و إذا مــا فـــرغـــت كــأس فـأخـرى
داومــا الشـرب لإفــــراغ القـــنــــان


انمـا مثل مــدامــــي لــيـس ينــــفـــدْ
اسألا عن طـعـمــها العذب اســـألاني

عـــن مـــذاق لــم يــســـغــه آدمــــي
قـــبــل إبـحــاري إلـــى غـيـــر أوان

لـحـظة قد خـفـق الـقــلـــب لــديـــهـا
دون عـــهــد بـشـديــــد الخـفــــقــان

لـــيســت الــبـتـة مــن دنــيـاكــم هــ
ذه بـــل مـــن مـــلأ لـــيـس بـــفـــان


قد سقاني الـكـون مـن أعـذب مـا قـدّ
مـــه يــومـــا و اسـتـقــاه الثــقــــلان

غــادرت روحـي خـــرابـا بـلـقـعا ثم
اســـتـــقــرت فـــي فـراديس الجنـان

قد دعــوه طــربـــا، كــلا! و ربّـــي
كم بـعيد هــو عن ضـرب المــثـــاني

ازدريــت الـعـيـش و الـدنـيـا جـمـيعا
و كــلام الـنــاس صــنـو الــهـذيــــان

مـــا أبــالـي ما دنـى النـــاس إذا مـــا
أنــشــدت قــــديـسـتي خــمر كيانــي

مـــن زلال قــد صـفـى لـيـس يــكـدرْ
مـن كـؤوس مـلـــؤها سحر البــيـــان

من نــشـيـد الـسحر مـن شـدو مـلاك
مــن تــرانــيــم بــديعــات الــمغانــي

من صـدى خـيــر و حــق وجــمـــال
خـلدت في النفس فـــي كــل زمــــان

من أحــاسـيـس عـجيب وقعها في الـ
نـــفــس إذ تـــأخـــذها في طـيـــران

من تـــراتـيــل ســمـــاوي هــداهــــا
تــلــبس الــروح قــلادات جــمـــــان

قد تـــلاهــا نـــغــم مـــا ســمــعت أذ
ن شــبــيـها لــه مــن قــول لــســــان

تــسـلـب الــنــفـس أمانيها كـــمـا تـغـ
رب عــنـها –غيرها- كـــل الأمــاني

من شـــذا كــائـنــة قـــدسيّــة مـــــر
ســلــة بــلــســم مـــن كان يـعــــانـي

مـسحـة الصدق إذا ما صدحـت و الـ
حــســـن مــن فـيــها بــثوب له قـان

و صــراخ الحــق إذا قــام و نــــادى
زاجـــرا عــــن كــــلّ ذل و هــــوان

و نــداء الـــطـهــر فـــي نــبــرتها يا
مــبــعــثـا للطــهر بـيـن النـاس سان

شـهـــــدت لـــم تــبــــح إلّا بـــــإلـهـا
م مـــن العـــلـــياء لا قـــول قــيـــان

هـــي طــيــف،أم مــلاك، أم ســراب
قــد تــــراءى لـــخــيـــالـــي لـثــوان

قـبـل أن تــتـــضـح الصـورة إذ ابــــ
صــر حـــرْســـا لــطــريقي مـلـكـان

أم بـــديـع الســـحــر إذا مــا يـتـجـلى
-فــي هــزار مــسكـر- رؤي العـيـان

كـي يــحـيـل الحـزن فرحا مبدلا سـو
د لـــيـــالــيّ بــــلـــون ارجـــوانـــي

ليت شعري ! لـم أكن أحــيــا بــحــق
قــبـــل أســفــاري لعــيش لـي ثــــان

أكــتــفــي فــيــه بــنجـواها و اصـغـا
ء لـــمــا يــــبــلـغ سمعي من قـــران

في انــقــطـاع عـن حـــياة عشتها قبـ
ل لدنــيـــا هــي خــيــر الـحـــيــوان

رهـــبــة ثـــم خشوع فـانـــتــــشــاء
رحـــلـتي حـتــى بــلوغــي للـجـنـان

فكـــأن الـــروح و المـــادة قــد شتت
ما بــيــنـهـمـــا نــــصـــل يــــمـاني

شـفـتــا قــــديــســتـــي رددتـــا نـــا
قــوس ســـلــم لـــفــــؤادي و أمـــان

أيّ ســحـر في مـنـــاجاتــــك يـا مـن
أيقظــت مـيّـــت فـــكــــر و جــــنـان

حــرّكـت وجـــدان مــن كـــان ضالا
تائهـــا في بـــحر إلـحـاد يـــعـــانـــي


فــغــدا بـعــد ضــلال عــابــــدا نشـــ
وان من نـــجــواك مــــن أغلى دنـان

اغـــفــري ذنــبـــا لــه من طول عهد
و هــو مـن أوزار ذاك الذنـب جـــان

انـــقـــضـــت مــن عـمـره دون لقاك
ســنـــوات مــــلــــؤها كـــل هـــوان

علّه من طــول دعــاه في الـــلـيالــي
خـفــف الذنب إذ أضــنــاه الـتـفـــاني

فـــريــــاح قــُــدسٌ تـــدفـــعــــه مــا
دام فـــي ذكــــرك أي كـــل زمــــان


5/8/2002

ليست هناك تعليقات: